فصل: الاعتداء على النسل:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: المعجزة الكبرى القرآن



.الاعتداء على النسل:

208 - أوضح جريمة في الاعتداء على النسل جريمة الزنى، فإنها إذا شاعت في قوم ضعف نسلهم، وانحدروا إلى الفناء، كما رأينا في أمم حاضرة، وجماعات ماضية.
وقد تعرَّض القرآن الكريم لبيان هذه الجريمة وعقوبتها، أو بالأحرى لبيان هذه العقوبة مع التعرّض الإجمالي للجريمة، مفصلًا العقوبة، فقد قال تعالى: {وَاللَّاتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ مِنْ نِسَائِكُمْ فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِنْكُمْ فَإِنْ شَهِدُوا فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ حَتَّى يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ أَوْ يَجْعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلا، وَاللَّذَانِ يَأْتِيَانِهَا مِنْكُمْ فَآَذُوهُمَا فَإِنْ تَابَا وَأَصْلَحَا فَأَعْرِضُوا عَنْهُمَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ تَوَّابًا رَحِيمًا} [النساء: 15، 16].
وإن هذا النص الكريم دل على أمور ثلاثة:
أولها: إنَّ الشهادة على الزنى لا تكون إلّا بأربعة، فلا تصح الشهادة بما دون ذلك، وقد أكَّد هذا المعنى قوله تعالى في حد القذف: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً} [النور: 4].
ثانيها: إنَّ الرجل والمراة إذا ارتكبا الفاحشة، وهي الزنا في الآية الأولى والثانية، كان لا بُدّ من عقوبة مناسبة، إذا لم تكن توبة يكون معها إصلاح أمورهم، وأنهم إن كرروا لا تقبل التوبة، وكذلك قرر كثيرون من الفقهاء كما قيل في السرقة.
الثالث: أن النساء يختصصن بعقوبة لا تمنعها التوبة، وهي أن يمسكن في البيوت حتى الوفاة، أو يجعل الله لهن سبيلًا بالزواج، وهذه في الحقيقة ليست عقوبة، ولكنها صيانة وحمل على التوبة، فإن كان منهم من بعد فاحشة كان الإيذاء.
وقد ذكر هنا الأمر بالإيذاء جملًا، وفصّل في سورة النور، فقال تعالى: {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِئَةَ جَلْدَةٍ وَلَا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ، الزَّانِي لا يَنْكِحُ إلاَّ زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لا يَنْكِحُهَا إِلاَّ زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ} [النور: 2، 3].
وإنَّ هذا النص يدل على ثلاثة أمور: أولها: إنَّ عقاب الزاني والزانية مائة جلدة قوية شديدة رادعة لا رأفة فيها.
وثانيها: إنَّ هذا العقاب الشديد الرادع يكون علنيًّا يشهده طائفة من المؤمنين. ثالثها: إنَّ الزاني الذي يعلن زناه لا يرضى به إلا ز انية أو مشركة، وأن الزانية لا يرضى بالزواج منها إلّا زانٍ أو مشرك، وأنَّه من المحرَّم على المؤمنين أن يتزوجوا من الزناة، ومفهوم النص أن ذاك التحريم إن لم تكن توبة.
عقوبة العبد على النصف من الحر:
209 - هذا التقدير للعقوبة في الزنى إنما هو على الأحرار من الرجال والنساء، أما العبد والإيماء فعقوبتهم نصف هذه العقوبة، فلا يجلدان إلّا خمسين جلدة، وقد ثبت ذلك بنص القرآن الكريم بالنسبة للإماء، وثبت بقانون المساواة بين الرجل والمراة أنَّ العبد تنصف عنه العقوبة، وهذا نص القرآن الكريم الحكيم؛ إذ يقول سبحانه وتعالى: {مَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلًا أَنْ يَنْكِحَ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ فَمِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِنْ فَتَيَاتِكُمُ الْمُؤْمِنَاتِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِكُمْ بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ فَانْكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ وَآَتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ مُحْصَنَاتٍ غَيْرَ مُسَافِحَاتٍ وَلَا مُتَّخِذَاتِ أَخْدَانٍ فَإِذَا أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ الْعَنَتَ مِنْكُمْ وَأَنْ تَصْبِرُوا خَيْرٌ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ، يُرِيدُ اللَّهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ وَيَهْدِيَكُمْ سُنَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَيَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ} [النساء: 25، 26].
وإن هذا النص يدل على أنَّ الأَوْلَى بالمؤمن ألَّا يتزوج إلَّا حرة، ولا يتزوج أمة إلا إذا عجز عن الزواج بالحرة، حتى لا يعرض أولاده للرق، وأنَّ الإماء أولى بهنّ مالكهن يدخل بهن، فيكون أولاده منها أحرارًا، وتعتق هي بولدها من مالكها، فيكثر الأحرار.
وتدل الآية ثالثًا على أنَّ الأمة المتزوجة عقوبتها خمسون جلدة.
وبمقتضى المساواة في الأحكام كما أشرنا تكون عقوبة العبد أيضًا منصفة.
ونظرة صغيرة في الموازنة بين شريعة القرآن وشريعة الرومان، لقد كان الرومان يضاعفون عقوبة العبد إن ارتكب جريمة، ويخففون العقوبة على الحر، فهم يقولون: إنَّ العبد إذا زنى بحرة يقتل، وأمَّا الشريف الروماني فإنه إذا زنى يغرم غرامة بسيطة، فمنطقهم الظالم يسير سيرًا عكسيًّا، تصغير العقوبة عندهم بكبر المجرم وتكبر بصغره، أمَّا الإسلام فإنه ينظر في الأمر بمنطق مستقيم، فالجريمة تكبر بكبر المجرم، ويكون العقاب على قدرها، وتصغر بصغر المجرم، ويكون العقاب على قدرها؛ وذلك لأنَّ الجريمة هوان، وأن الهوان يسهل على الضعيف؛ إذ لا قوة نفس تعصمه وتنهاه، وأن العبد والأمة في ذلٍّ وهوان، فالجريمة منها قريبة، فيعذران، ويخفف عليهما العقاب، وذلك هو منطق العدل المستقيم، وهو شرع الله العظيم.

.حد القذف:

210 - القذف هو رمي المحصنات والمحصنين بالزنى، من غير دليل مثبت، بل بمجرَّد الظنّ الواهم، أو الإيذاء الآثم، وفي ذلك تهوين للجريمة وإشاعة للفاحشة في الذين آمنوا، ولذلك كان العقاب الصارم على من يقذف، ويرمي المحصنين والمحصنات من غير تثبت ولا تحرج، ولقد قال الله تعالى في ذلك مبينًا له بعد حد الزنى: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ، إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [النور: 4، 5].
وهذا النص السامي دلَّ على أمور ثلاثة:
أولها: إنَّ الرمي بالزنى لا بُدَّ أن يكون ثابتًا بشهادة أربعة من الشهداء وإلّا عُدَّ قذفًا باطلًا، وكان له عقوبة قاسية، وهو الجلد ثمانين جلدة، وهو عقوبة مادية لا هوادة فيها.
ويدل ثانيًا على أنَّ هناك عقوبة أدبية أو تبعية كما يقول علماء القانون، وهو ألا تقبل لهم شهادة أبدًا؛ لأنَّهم دنسوا ألسنتهم بقول أفحش الباطل، فيعاقبون على ذلك بألَّا يقبل منهم قول في قضاء، والتأييد يقتضي أنَّ التوبة لا تسوغ سماع شهادتهم.
ويدل ثالثًا على أنَّ التوبة تقبل عند الله إذا تابوا وأصلحوا، وذلك لا يمنع نزول العقاب الأصلي والتبعي؛ لأن التبعي أبدي.
وإنَّ هذه العقوبة لمنع إشاعة الفاحشة؛ لأنَّ الاتهام بالزنى وخصوصًا للأبرياء يسهل ارتكابه، ولقد قال الله تعالى في ذلك: {إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آَمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ} [النور: 19].
ولقد ضرب الله سبحانه وتعالى - مثلًا للذين آمنوا بحال أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله تعالى عنها، وهي الطاهرة بنت الطاهرة، وزوج أطهر من في هذا الوجود، تطاول المفترون عليها بالإفك، وقال الله تعالى فيهم: {إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ لَا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَكُمْ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ مَا اكْتَسَبَ مِنَ الْإِثْمِ وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ، لَوْلا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنْفُسِهِمْ خَيْرًا وَقَالُوا هَذَا إِفْكٌ مُبِينٌ، لَوْلا جَاءُوا عَلَيْهِ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَإِذْ لَمْ يَأْتُوا بِالشُّهَدَاءِ فَأُولَئِكَ عِنْدَ اللَّهِ هُمُ الْكَاذِبُونَ، وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ لَمَسَّكُمْ فِي مَا أَفَضْتُمْ فِيهِ عَذَابٌ عَظِيمٌ، إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ وَتَقُولُونَ بِأَفْوَاهِكُمْ مَا لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا وَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمٌ، وَلَوْلا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ قُلْتُمْ مَا يَكُونُ لَنَا أَنْ نَتَكَلَّمَ بِهَذَا سُبْحَانَكَ هَذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ، يَعِظُكُمَ اللَّهُ أَنْ تَعُودُوا لِمِثْلِهِ أَبَدًا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ، وَيُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الآَيَاتِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ} [النور: 11 - 18].
هذا توجيه عظيم لمن يسمع إفكًا على طاهر من الطاهرين، أو طهارة بينة الطهارة، فأول واجب على المؤمن إذا سمع إفكًا أن يظنّ خيرًا بالمؤمن، ويجعل حال الصلاح هي الظاهرة، وهي الحاكمة، فإن كان ممن يظن الظنون فعليه أن يثبت حتى يجيء الدليل، وهو أربعة شهداء، ليكون الدليل مقابلًا لظنِّ الخير بأهل الإيمان، فإن لم يكن الدليل كان على المؤمن أن يقول هذا بهتان عظيم، وأنه لا يسوغ لمؤمن أن يتلقى قولًا يرمى من غير دليل، ولا تثبت، ثم يزيد الظن به، فيقولون بألسنتهم ما ليس في قلوبهم، ويحسبونه تسلية، وأمرًا هينًا، وهو عند الله عظيم.
وفي هذا النص السامي بيان للمستهينين الذين يشيعون القول الفاسد، وما ينبغي أن يكون عليه المؤمن، وأنَّ الإسلام يريد جماعة طاهرة عفيفة لا يسودها إلَّا الكلام الطيب النزيه العف.
اللعان:
211 - جاء رجل إلى النبي صلى الله تعالى عليه وسلم يبثه شكواه ويقول: (إن الرجل يجد الرجل مع أهله، فإن قتله قتلتموه، وإن تكلم ضربتموه، وإن سكت سكت على غيظ، اللهم بيِّن)، فكان اللعان.
وهو يكون في حال رمي الرجل زوجته بالزنى، فقد جعل الله تعالى حكمًا خاصًّا مخصصًا لمن يرمي أيَّ محصنة غير زوجته؛ لأنه لا يمكن أن يرمي زوجته إلا وهو في عذر غالبًا، فكان اللعان للتثبت من الواقعة التي تتضمن الوقوع في الفاحشة من الزوجة، وقد بيِّنَ الله تعالى اللعان بقوله تعالت كلماته: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدَاءُ إِلَّا أَنْفُسُهُمْ فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ، وَالْخَامِسَةُ أَنَّ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَيْهِ إِنْ كَانَ مِنَ الْكَاذِبِينَ، وَيَدْرَأُ عَنْهَا الْعَذَابَ أَنْ تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الْكَاذِبِينَ، وَالْخَامِسَةَ أَنَّ غَضَبَ اللَّهِ عَلَيْهَا إِنْ كَانَ مِنَ الصَّادِقِينَ، وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ وَأَنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ حَكِيمٌ} [النور: 6 - 10].
والشهادة هنا هي الحلف بالله تعالى؛ لأن الحلف فيه إشهاد لله سبحانه وتعالى، فالرجل يحلف أربع مرات أنه صادق فيما رماها به من الزنى، أو نفي الولد إن كان الرمى بعدم نسبة الولد إليه، ويتضمَّن ذلك الرمي بأنها حملت به من الزنى، فإذا حلف هذه المرات الأربع، حلف الخامسة بأن يحلف بالله أنَّ لعنة الله تنزل به إن كان من الكاذبين.
والمرأة ينزل عليها العقاب، وما حده القرآن الكريم، فتحلف أربع مرات إنه لمن الكاذبين، وتحلف الخامسة بأنَّ عليها غضب الله إن كان من الصادقين.
وأنَّ التحالف إن تمَّ على هذا الوجه رفع عن الرجل عقوبة القذف، وهو ثمانون جلدة، وعن المرأة عقوبة الزنى، ولقد حكم النبي صلى الله تعالى عليه وسلم بذلك.
ولكنه صلى الله تعالى عليه وسلم فرَّقَ بينهما فرقة أبدية ما داموا على هذه الحال؛ لأنَّ الحياة الزوجية تقوم على المودة، والمودة تقتضي الثقة بين الزوجين، وبعد هذا الترامي وتكذيب كل واحد لصاحبه ذهبت الثقة، ولا مودة مع فقد الثقة، فلا يتحقق معنى الزوجية الذي نصَّ عليه في كتابه الكريم {وَمِنْ آَيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً} [الروم: 21]، ولا تراحم بين زوجين يشك أحدهما في صاحبه، ولا يطمئن إليه.
212 - وإن ما ذكرناه من نصوص القرآن من الزنى والقذف واللعان يتجه بالمؤمن إلى أن يكون طاهرًا نزهًا عفيفًا، ويتجه بالجماعة الإسلامية إلى أن تسودها الفضيلة، فلا تترامى برفث القول وفسوقه؛ لأنَّ القول يؤدي إلى فعله، والترامي بالفاحشة يؤدي إلى ارتكابها.
وإن الرذائل لا تنمو إلَّا في أجواء فاسدة، والفضائل لا تخبو إلَّا في أوباء الرذائل.
ولعلَّ فساد مجتمعاتنا الحاضرة سببه الترامي بالفحشاء صراحة، أو بلحن القول إذ يحسبونه هينًا وهو عند الله عظيم، ولا حول ولا قوة إلَّا بالله.